والثاني: قبوله والاحتجاج به على فعل المعاصي، فكلما عملوا معصية احتجوا بالقدر، فجعلوا هذا الحديث عمدة لهم في سقوط الملام عن المخالفين لأمر الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإلى هذا ذهبت الجبرية ومن نحا نحوهم من الصوفية وغيرهم (١).
وأما الموقف الثاني: فهو القطع بعدم جواز الاحتجاج به على فعل المعاصي، وإلى هذا ذهب علماء أهل السنة والجماعة، ولكنهم اختلفوا في تفسير هذا الحديث -بعد قبوله والإيمان به- على عدة أقوال، منها:
القول الأول: أن موسى -عليه السلام- لام آدم -عليه السلام- على المصيبة التي حصلت له وذريته، وهي الإخراج من الجنة والنزول إلى الأرض دار الابتلاء والمحنة، وذلك بسبب فعله وخطيئته، ولذا قال:(أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم)، وذكر الذنب تنبيهًا على سبب المصيبة والمحنة التي نالت الذرية، فاحتج عليه آدم بالقدر على المصيبة، والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب، أي: أتلومني على مصيبة قدرت عليَّ وعليكم قبل خلقي بكذا وكذا سنة؟ .
وإلى هذا ذهب ابن تيمية، وابن القيم (٢)، وابن كثير (٣)، وابن أبي العز (٤)، وابن رجب، وابن عثيمين (٥)، وغيرهم، عليهم رحمة الله.