للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل أن الآيتين على هذا الوجه الثاني قد دخلهما التخصيص وليستا باقيتين على العموم، فعلى هذا يوجد من الدعاء ما لا يجيبه الله تعالى.

الوجه الثالث (١): إن الوعد بالإجابة باق على عمومه فما من رجل يدعو إلا ويجيب الله له ولكن الإجابة تتنوع، والداعي لا بد أن يعوض من دعائه عوضاً ما وليس شرطاً أن تكون بعين المطلوب وربما تكون بمثل المطلوب أو ادخار الأجر له أو دفع البلاء عنه، أو بشرح صدره لتحمل البلاء والصبر على ذلك، فالإجابة حاصلة لا محالة وذلك لأن الله سبحانه قد أخبر بها عن نفسه والخبر لا ينسخ لئلا يوصف المخبر بالكذب، والله عندما وعد بالإجابة لم يقل أجيب في الحال، فإذا استجاب ولو في الآخرة كان الوعد صادقاً.

وقد يعتقد الداعي المصلحة في المعين ولا مصلحة له في ذلك فيجاب إلى مقصوده الأصلي وهو طلب المصلحة، وقد تكون المصلحة في التأخير أو المنع وادخار الأجر له أو صرف البلاء عنه إلى غير ذلك، ويدل لهذا الوجه حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : "ما من مسلم ينصب وجهه الله ﷿ في مسألة إلا أعطاه إياها، إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له" (٢).

وحديث عبادة بن الصامت رفعه: "ما على الأرض مسلم يدعو الله


(١) انظر عن هذا الوجه: شأن الدعاء للخطابي: ١٢ - ١٣، والمنهاج للحليمي: ١/ ٥٤٢، والتمهيد لابن عبد البر: ١١/ ٢٩٦ - ٢٩٧، ومعالم التنزيل للبغوي: ١/ ١٥٦، وزاد المسير: ١/ ١٩٠، وفتح الباري: ١١/ ٩٥ - ٩٦، ١٤١، والجامع للقرطبي: ٢/ ٣١٠، وتفسير الرازي: ١/ ١٠٧ - ١٠٨، وإتحاف السادة: ٥/ ٢٩.
(٢) أخرجه أحمد في المسند: ٢/ ٤٤٨، وقال الهيثمي: رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف "المجمع: ١٠/ ١٤٨" وقال المنذري: رواه أحمد بإسناد لا بأس به: الترغيب: ٢/ ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>