وفي المثال الثاني جعل الحيطان كأنه يدعو بعضه بعضًا كما سبقت الإشارة إلى ذلك في كلام ابن فارس (٢).
[المطلب الثالث: في المعنى الشرعي للدعاء والمناسبة بينه وبين المعنى اللغوي]
قد تنوعت عبارات العلماء في تعريف الدعاء، وتعددت كلماتهم، وكلها تهدف إلى الكشف عن حقيقة معناه الشرعي، وإليك بعض تلك العبارات:
قال أبو سليمان الخطابي (ت ٣٨٨ هـ): "ومعنى الدعاء: استدعاء العبد ربه ﷿ العناية، واستمدادُه إياه المعونةَ، وحقيقته إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة"(٣).
وقال أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحَلِيميُّ (ت ٤٠٣ هـ): "الدعاء: قول القائل: يا الله يا رحمن يا رحيم وما أشبه ذلك"(٤).
وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي (ت ٥٤٣ هـ): "حقيقة الدعاء مناداة الله تعالى لما يريد من جلب منفعة أو دفع مضرة من المضار والبلاء بالدعاء، فهو سبب لذلك، واستجلاب لرحمة المولى"(٥).
(١) النهاية في غريب الحديث: ٢/ ١٢٠، وقال في اللسان وتداعى القوم دعا بعضهم بعضًا حتى يجتمعوا: ٣/ ١٣٨٦. (٢) تقدم في ص: ٢٦. (٣) شأن الدعاء للخطابي ص: ٤. (٤) المنهاج في شعب الإيمان للحليمي: ١/ ٥٢٢. (٥) مراقي الزلفى لابن العربي بواسطة نبذة في الدعاء وآدابه وأسبابه لليافعي ص: ٢٢ ولم أطلع على كتاب ابن العربي وانظر نسبة الكتاب إلى ابن العربي في كتاب آراء أبي بكر بن العربي لعمار طالبي: ١/ ٧٦ - ٧٧، ومقدمة قانون التأويل للسليماني ص: ١٥٣.