يقول: استغيثوا بهم، وهو كقولك للرجل إذا لقيت العدو خالياً: فادع المسلمين، ومعناه استغث بالمسلمين، فالدعاء ههنا بمعنى الاستغاثة" (١).
وقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت ٢٧٦ هـ) في تفسير هذه الآية: "أي ادعوهم ليعاونوكم على سورة مثله ومعنى الدعاء هاهنا - الاستغاثة -، ومنه دعاء الجاهلية، ودعوى الجاهلية، وهو قولهم: يا آل فلان، إنما هو استغاثتهم" (٢).
وهذا المعنى الذي هو الاستغاثة والاستعانة هو نوع من أنواع المعنى الأول الذي هو السؤال والطلب فهو قسم منه لا قسيم له (٣).
[٥ - النداء والصياح]
وقد ذكره أيضاً غير واحد من علماء اللغة وعلماء تفسير غريب القرآن الكريم (٤) ومنه قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا﴾ [الكهف: ٥٢].
(١) معاني القرآن للفراء: ١/ ١٩، وقد نقله عنه في اللسان: ٣/ ١٣٨٥. (٢) غريب القرآن لابن قتيبة: ٤٣. (٣) قسم الشيء: ما يكون مندرجاً تحته، وأخص منه كالاسم، فإنه أخص من الكلمة ومندرج تحتها، وقسيم الشيء: هو ما يكون مقابلاً للشيء ومندرجاً معه تحت شيء آخر كالاسم، فإنه مقابل للفعل ومندرجان تحت شيء آخر وهي الكلمة التي هي أعم منهما. التعريفات للجرجاني ص: ١٧٥. (٤) منهم ابن سيده في المحكم: ٢/ ٢٣٤، والجوهري في الصحاح: ٦/ ٢٣٣٧، والزمخشري في أساس البلاغة: ١/ ٢٧٢، وصاحب اللسان: ٣/ ١٣٨٦، والزبيدي في التاج: ١٠/ ١٢٨، وأبو البقاء في الكليات: ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤، ومقاتل بن سليمان في الأشباه: ٢٨٦، وابن الجوزي في نزهة النواظر: ٢٩٤، وانظر أيضاً إتحاف السادة: ٥/ ٢٧.