وأدعو أم أستقبل رسول الله ﷺ؟ فقال: ولِمَ تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم ﵇ إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به، فيشفعك الله، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤)﴾ (١)[النساء: ٦٤] وقد احتج بهذه الحكاية جماعة (٢) على جواز التوسل بالذوات.
[مناقشة هذه الحكاية رواية ودراية]
فأما رواية فإن في إسناد هذه الحكاية العلل التالية:
العلة الأولى: محمد بن حميد الرازي راوي الحكاية عن مالك متهم بالكذب، قال البخاري: في حديثه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الجوزقاني: رديء المذهب، غير ثقة، وقال إسحاق بن منصور الكوسج: أشهد على محمد بن حميد وعبيد بن إسحاق العطار بين يدي الله أنهما كذابان، وقال صالح بن محمد: كل شيء يحدثنا ابن حميد كنا نتهمه فيه، وقال أبو زرعة وابن وارة: صح عندنا أنه يكذب، وقد وثقه أحمد وابن معين، والراجح عدم توثيقه، وأما الذين وثقوه فعذرهم أنهم لم يعرفوه، قال ابن خزيمة عندما قيل له: لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن
(١) أخرجه بإسناده القاضي عياض في الشفا: ٢/ ٥٩٥ - ٥٩٦. (٢) منهم البكري كما في الرد على البكري ص: ٢٤، والسبكي في شفاء السقام ص: ٨٤، ١٦٤، والسمهودي في وفاء الوفاء: ٤/ ١٣٧٦، ودحلان في الدرر: ١٠، والخلاصة: ٢٤٢، والسمنودي في سعادة الدارين: ١٥٩، والكوثري في محق التقول ضمن المقالات: ٣٩١، والعزامي في الفرقان: ١١٨، والغماري في الرد المحكم: ٩٠، ١٩٧، وقد اعترف بضعف إسنادها إلا أنه قال: فقد تلقاها أهل المذهب بالقبول وعملوا بمقتضاها، كما احتج به الغماري في إتحاف الأذكياء: ١١ - ١٢، وقد اغتر بهذه الحكاية بعض من ليس على مذهب القبوريين. انظر المغني لابن قدامة: ٣/ ٥٥٨.