بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" (١).
وحديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: "ما من مسلم يدعو دعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها، قالوا: إذًا نكثر، قال: الله أكثر" (٢).
قال ابن عبد البر ﵀: "فعلى هذا يكون تأويل قول الله ﷿ والله أعلم -: ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ﴾ أنه يشاء وأنَّه لا مكره، ويكون قوله ﷿: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ على ظاهره وعمومه بتأويل حديث أبي سعيد" (٣).
وقال ابن عبد البر أيضاً في موضع آخر تعقيباً على حديث أبي سعيد المتقدم: "هذا الحديث يخرج في التفسير المسند لقول الله ﷿: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فهذا كله من الاستجابة، وقد قالوا: كرم الله لا تنقضي حكمته، ولذلك لا تقع الإجابة في كل دعوة قال الله ﷿: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ (٤)[المؤمنون: ٧١].
(١) أخرجه الترمذي: ٥/ ٥٦٦ رقم ٣٥٧٣، وأحمد: ٥/ ٣٢٩، والطبراني في الدعاء: ٢/ ٢٠ رقم ٨٦، وفي إسناده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان قال فيه الحافظ صدوق يخطئ ورمي بالقدر، وتغير. (٢) أخرجه أحمد: ٣/ ١٨، وابن أبي شيبة: ١٠/ ٢٠١ رقم ٩٢١٩، والحاكم: ١/ ٤٩٣، والطبراني في الدعاء: ٢/ ٨٠٢ رقم ٣٧، وأبو يعلى: ٢/ ٢٩٦ رقم ١٠١٩، والبزار كما في كشف الأستار: ٤/ ٤٠ رقم ٣١٤٣، قال المنذري: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة "الترغيب: ٢/ ٢٧٢" وقال الهيثمي: "ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة" "المجمع: ١٠/ ١٤٨ - ١٤٩. وقال الحافظ في الفتح: حديث صحيح ١١/ ٩٦. (٣) التمهيد لابن عبد البر: ١٠/ ٢٦٧. (٤) التمهيد لابن عبد البر: ٥/ ٣٤٥.