النصوص العامة قد جرى فيها التخصيص، ويدل له عدة أحاديث وردت تبين تخصيص هذا العموم بشروط، منها قوله ﷺ فيما رواه أبو هريرة ﵁:
"لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. . ."(١).
فقد اشترط في هذا الحديث لإجابة الدعاء أمران: عدم الدعاء بالإثم أو قطيعة رحم، وعدم الاستعجال، فيستفاد منه تخصيص عموم الإجابة بهذين الشرطين.
قال ابن عبد البر ﵀:"في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله ﷿: ادعوني استجب لكم وإن الآية ليست على عمومها ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل فقال: قد دعوت فلم يستجب لي، والدليل على صحة هذا التأويل قول الله ﷿، فيكشف ما تدعون إليه إن شاء"(٢) ولكن ابن عبد البر ﵀ بعد هذا الكلام رجع فاختار الوجه الثالث الآتي.
ومنها حديث الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يقول: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له (٣).
ففي هذا الحديث اشترط لقبول الدعاء عدم التلبس بالحرام فيخص به أيضاً عموم الإجابة. ومنها حديث:"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه"(٤).
ففي هذا اشترط للإجابة حضور القلب وعدم الغفلة وصرح بعدم الاستجابة لدعاء الغافل اللاهي.
(١) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٩٦ رقم ٢٧٣٥. (٢) التمهيد لابن عبد البر: ١٠/ ٢٩٦. (٣) أخرجه مسلم: ٢/ ٧٠٣ رقم ١٠١٥ وتقدم ١٤٧. (٤) تقدم ص: ١٨٩.