للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد أجاب العلماء عن هذا السؤال بوجوه:

الوجه الأول (١): أن الإجابة في الآيتين الماضيتين مطلقة لم تقيد، ولكنها جاءت مقيدة في آية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١)[الأنعام: ٤٠، ٤١].

ففي هذه الآية قيدت إجابة الدعاء بالمشيئة، ومن القواعد المقررة المعلومة أن المطلق يحمل على المقيد، فتكون الإجابة مقيدة بالمشيئة.

هذا الجواب سديد إلا أنه يمكن أن يخدش فيه بأن يقال: إن التقييد بالمشيئة لم يكن لأن الإجابة غير موعود بها جزماً بل إنما قيدت الإجابة بالمشيئة لأن الأمور كلها بمشيئة الله تعالى (٢) كما قد قيل في نحو قوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [الفتح: ٢٧]، مع أنه خبر محقق لا يمكن أن يتخلف.

لكن هذا الخدش ضعيف لأن سياق الآية يدل على أن التقييد بالمشيئة قصد به أن الله تعالى في بعض الأحيان ربما لا يكشف ما يدعون إليه، هذا هو الظاهر من السياق والله أعلم.

الوجه الثاني (٣): أن العموم في الآيتين الذي يفيد الإجابة في جميع الحالات وبدون شرط، هذا العموم خص بما إذا وافق القضاء أو إذا كانت الإجابة خيراً للداعي أو إذا استوفت الشروط فهو من العام المخصوص.

وهذا الوجه الثاني أعم من الوجه الأول ولا غبار عليه لأن كثيراً من


(١) انظر عن هذا الوجه المصادر السابقة التي أشير إليها في إيراد السؤال، وشأن الدعاء ص: ١٢.
(٢) تفسير البغوي: ٢/ ٩٦.
(٣) انظر عن هذا الوجه: التمهيد لابن عبد البر: ١٠/ ٢٩٦، والبغوي: ١/ ١٥٦، وزاد المسير: ١/ ١٩٠، والجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٣٠٩، والمنهاج للحليمي: ١/ ٥٤١ - ٥٤٢، والفتح: ٣/ ٣٢، وشرح الإحياء: ٥/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>