أَتُراه يَسْمَح بالوِصَالِ فأشْتَكِي … وأبثُّ ما لاقَيْتُ منْهُ إليْكُمُ
إنْ خَفَّ وَبْلُكُم وشَطَّ مَزَارُكُم … فحَلِيْفِي رَبّ السَّماء عَليْكُمُ
كُنَّا نَذُمُّ من الزَّمانِ حَمِيْدَهُ … قدمًا فكيفَ الآن وهو مُذَمَّمُ
في كُلِّ يَوْمٍ منِ زَمَاني نَكْبَةٌ (a) … تَعْتادُني (b) خَتلًا ويَوْمٌ أَيْوَمُ
تَقْضي حَوَادِثُه علَيَّ بجَوْرها … وصرُوفها أنَّى تَشَاءُ وتَحْكُمُ
حظٌّ خُصِصْتُ به وجَدٌّ نَازِلٌ … بي في الحَضِيْض وجَانِبٌ مُتَهضَّمُ
ومن العَجَائِب أنَّني عَاتبْتُه … فيما جَنَاهُ فأعْقَبَتْني الصَّيْلَمُ
لا تَسْألي يا عَزّ عمَّا نابَني … فمن الحَدِيْثِ مُحَدَّثٌ ومُكَتَّمُ
كُفِّي كَفَاكِ ولا أبا لكِ أنَّني … أصبحَتُ والأعْدَاء فيَّ تَحَكَّمُوا
مُلْقًى بدار مَذَلَّةٍ مُسْتَوطنًا … سِجْنًا أُسَامُ الخسْفَ فيه وأُظْلَمُ
لا نَاصِرٌ لي ألْتَجي بفنَائهِ … أَنَّى انتَصَرْتُ ولا وَليٌّ مُكْرِمُ
أُمْسِي وأُصْبِح في الحَدِيْدِ مُكَبَّلًا … من غير ما جُرْم كأنِّي مُجْرِمُ
مُتَقمِّصًا ثَوْبَ الأَسَى قد بزَّني … ثَوْبَ التَّصَبُّر والتَّأسِّي أدْهَمُ
قَيْدٌ ثَقِيْلٌ قد بَرَاني حَمْلُهُ … وجَوًى أُكابدُهُ، وسِجْنٌ مُظْلمُ
سيَّان فيه لَيْلُنا ونَهَارُنا … وحَيَاتُنا ماذِيُّها والعَلْقَمُ
ولَذَاكَ أيْسَرُ من مَقَالَةِ حَاسِدٍ … يُسْدي التَّمائم بالمَحال ويُبْرَمُ
قُلْ للمُرِيْق دِمَاءَنا كُفَّ الأذَى … عنَّا فحَسْبُكَ سَعْيُكَ المُتَقدِّمُ
ألْزَمْتَنَا جُرْمًا ولمَّا نَجْنِهِ … ظُلْمًا فصَارَ لُزُومَ ما لا يَلْزَمُ
أمُحَمَّدٌ أدعُوكَ حينَ أظَلَّني … خَطْبٌ يَجِلّ عن الخُطُوب ويَعْظُمُ
ما خلْتُ أنَّكَ تَارِكي تَنْتَاشُنِي … طلْسُ الذِّئابِ وأنْتَ أنتَ الضَّيْغَم
(a) م: نكسة.
(b) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "ح: تغتالني"، ولعل مراده أن ما أختاره أجود وأحذق.