الحنابلة (١) قالوا: إنَّها سنة مؤكدة، واستدلوا على مذهبهم بهذا الحديث عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال:"الوتر حَقٌّ، فَمَن شاء فليوتر بخمس، ومَن شاء فليوتر بثلاث، ومَن شاء فليوتر بواحدة"(٢).
هذه مسائل يختلف فيها العلماء، ولكلٍّ وجهته، فإنه جاء عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ أفضل الصلوات بعد المكتوبة صلاة الليل (٣).
ومرَّت بنا الأحاديث الكثيرة في فضيلة الوتر، وكذلك التي مَرَّت في فضيلة صلاة ركعتي الفجر، ومنها: عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها-، قَالَتْ:"لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى شَيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَي الفَجْرِ"(٤)، ومن هذه الأحاديث أيضًا: عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ:"رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْر مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"(٥).
وقد رأينا ذلك من الأحاديث الكثيرة، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يُبَيِّن في كلِّ مقام ما يخصُّه.
(١) يُنْظَر: "شرح منتهى الإرادات" للبَهوتي (١/ ٢٣٧)، وفيه قال: " (فوتر)، لأنَّه تُشرع له الجماعة بعد التراويح، وهو سُنة مؤكدة. وروي عن أحمد: "مَن ترك الوتر عمدًا فهو رجل سُوء، لا ينبغي أن تُقبل له شهادة"، (وليس) الوتر (بواجب). قال في رواية حنبل: "الوتر ليس بمنزلة الفرض؛ فإن شاء قضى الوتر، وإن شاء لم يَقضه. . . "، وأما حديث: "الوتر حَقٌّ"، "ونحوه - فمحمول على تأكيد استحبابه؛ جمعًا بين الأخبار، (إلا على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-)، فكان الوتر واجبًا عليه للخبر". (٢) أخرجه ابن ماجه (١١٩٠)، وصححه الألباني في "المشكاة" (١٢٦٥). (٣) أخرجه مسلم (١١٦٣)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، يرفعه، قال: "سئل: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: "أَفْضَلُ الصَّلاة بعد الصَّلاة المَكتوبة: الصَّلَاةُ في جَوف اللَّيل. . . ""، الحديث. (٤) أخرجه البخاري (١١٦٩). (٥) أخرجه مسلم (١٦٣٥).