وآخَرُ يَعْبُدُ أَهْواءَهُ … وما عَابِدٌ لِلْهَوَى بالرَّشِيْد
ومُجتَهِدٌ وقته ريه … فإن فات بات (١) بليل عنيد
وذُو كَلَفٍ باسْتِماعِ السَّماعِ … بينَ البَسيطِ وبينَ النَّشيد
يَئِنُّ إِذا مَا مضت رَنَّةٌ … ويَزْأَرُ مِنها زَئيرَ الأُسود
يُخَرِّقُ خُلْقانَهُ عامِدًا … لِيَعْتَاضَ مِنْهَا بِثَوْبٍ جَدِيد
ويَرْمِيْ بهَيْكَلِهِ في السَّعِيْرِ … لِقَلْعِ الثَّريْدِ وبَلْعِ العَصِيْد
فَيَا لَلرِّجَالِ أَلا تَعْجَبونَ … لِشَيطانِ إِخْوانِنا ذا المَريد
يُخَبِّطُهُم بِفُنونِ الجُنونِ … وما لَلْمَجانينِ غيرُ القُيود
وأُقْسِمُ ما عَرَفوا ذا الجَلالِ … ولا أثبتوه بِغَيْرِ الجُحُود
ولَوْلا الوَفَاءُ لأهْلِ الوَفاءِ … سَلَقْتُهُمُ بِلسانٍ حَدِيْد
فمَا لي يُطالِبُنِي بالوِصَالِ … مَنْ ليْسَ يعْلَمُ ما في الصُّدُود
أَضنُّ بِوُدِّي وَيسْخُو بهِ … وقدْ كنْتُ أسْخُو بهِ للوَدُود
ولكنْ إِذا لمْ أَجِدْ صاحِبًا … يَسُرُّ صَدِيقِي ويَشْجي حَسُودي
عَطَفْتُ بوُدِّيَ مِنِّي إِليه … فغابَت نحوسِي وآتت (٢) سعود
فَمَا بالُ قَوْمِي عَلى جَهْلِهِمْ … بِعِزِّ الفَرِيدِ وأُنْسِ الوَحِيْد
إِذا أَبْصَرُوني بَكَوْا رَحْمْةً … ونِيرانُ أَحْقادِهِمْ في وَقُود (٣)
لأَنِّي بَعُدْتُ عَنِ المُدَّعينَ … ولو صَدَقُوا كنْتُ غَيرَ البَعيد (٤)
(١) في (أ): (فإن مات بات بليل).
(٢) في (ت): أومضت.
(٣) في (أ): وقودي.
(٤) أشار إلى هذه الأبيات المؤلف في المنتظم ١٥/ ١٤٨.