رسول الله أو معي شيطان؟! قال:"نعم"! قلت: ومع كل إنسان؟ قال:"نعم". قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال:"نعم، ولكن ربي ﷿ أعانني عليه حتى أسلم"(١). انفرد بإخراجه مسلم، ويجيء في لفظ آخر:"أعانني عليه فأسلم".
قال أبو سليمان الخطابي: عامة الرواة يقولون: "فأسلمَ" على مذهب الفعل الماضي، يريدون أن الشيطان قد أسلم، إلا سفيان بن عيينة فإنه يقول:"فأسلمُ" أي أسلم من شره. وكان يقول: الشيطان لا يُسلِم (٢).
قال المصنف: قلت أنا: وقول ابن عيينة حسن، وهو يظهر أثر المجاهدة لمخالفة الشيطان، إلا أن حديث ابن مسعود كأنه يرد قول ابن عيينة (٣):
وهو ما أخبرنا به ابن الحصين، قال: أخبرنا ابن المذهب، قال: أنا أبو بكر بن مالك، قال: نا عبد الله بن أحمد، قال: نا أبي، قال: نا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني منصور عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة". قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال:"وإياي، ولكن الله ﷿ أعانني عليه ولا يأمرني إلا بحق"(٤).
قال عبد الله: وحدثني أبي، قال: نا زياد بن عبد الله البكائي، قال: نا منصور عن سالم، عن أبيه عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: "ما من أحد إلا وقد وكل به
(١) رواه أحمد في مسنده (٦/ ١١٥)، وأخرجه مسلم (٤/ ٢١٦٨ رقم ٢٨١٥)، ورواه الحاكم في المستدرك (١/ ٢٢٨ - ٢٢٩)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ. وأقره الذهبي. (٢) إصلاح غلط المحدثين للخطابي (ص ٥٨ - ٥٩). (٣) انظر التعليقة الآتية إيراد المؤلف لحديث "ما منكم من أحد إلا وقد وُكل به قرينه من الجن … الحديث". (٤) أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٣٨٥) و (١/ ٣٩٧، ٤٠١)، ورواه مسلم (٤/ ٢١٦٨ رقم ٢٨١٤)، وأحمد والدارمي (٢/ ٢١٠ رقم ٢٧٣٠)، وليس عند الدارمي قوله: "فلا يأمرني إلا بخير".