ومعنى الفضيلة يقتضي تعلق مصلحة به، وإذا تعارضت المصلحة والمفسدة قدم أرجحهما؛ ولا علم بالمقادير في ذلك فيرجع للنصوص الصحيحة (١).
ت. يحتمل أن قوله: إلا بمكة، أريد به نفي إباحة التطوع فيها
والمعنى: ولا بمكة، كما في قول الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}(٢)؛ أي: ولا خطأ (٣).
يمكن أن يجاب: لا يصح أن تكون (إلا) بمعنى الواو؛ لأن ذلك لم يعرف في كلام العرب، ولا يستقيم المعنى به؛ لأن الخطأ لا يُحظر (٤).
الدليل الثاني: عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ (٥) - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:(يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا، فَلا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ)(٦).
وجه الدلالة من الحديث:
دل عموم الحديث على إباحة الصلاة بمكة في جميع الأوقات، وهو تخصيص لعموم المنع من الصلاة في أوقات النهي (٧).
نوقش من أوجه:
(١) انظر: شرح الإلمام (٤/ ٤٨٩). (٢) سورة النساء، من الآية (٩٢). (٣) انظر: التجريد، للقدوري (٢/ ٧٩٠). (٤) انظر: تفسير القرطبي (٥/ ٣١٣). (٥) هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل القرشي، أسلم يوم الفتح، له صحبة، روى عنه ابناه محمد ونافع، توفي سنة (٥٩) هـ، انظر: الجرح والتعديل (٢/ ٥١٢)، الثقات (٣/ ٥٠). (٦) رواه الشافعي في المسند، كتاب الصلاة باب جواز الطواف والصلاة بمكة أي ساعة شاء (١/ ٢٣٧) (١٦٢)، قال البغوي في شرح السنة (٣/ ٣٣١): "حديث حسن صحيح". (٧) انظر: البيان، للعمراني (٢/ ٣٥٩، ٣٦٠) المجموع (٤/ ١٧٧، ١٧٩)، إرشاد الساري (٣/ ١٧٨).