يا مالكا رقّي وقلبي ذائب … في حبه بين الأنام مشهر
إن النهار بغير وجهك مظلم … عندي وليلي من بهائك نيرّ
أشتاق وجهك لا سواه إذا غدا … قوم تشوقهم الجنان النضر
ويروق لي من ماء وجهك شربة … تروى الصدى إن راق غيري الكوثر
مالي رجاء في جنان زخرفت … كلا ولا أخشى حميما تسعر
لكن رجائي أن أراك وخشيتي … من أن تهيجني الذنوب فأهجر
يا من تفرد بالبقاء فماله … ندّ يضاهي أو شريك يذكر (٢٩٠ - ظ)
أنت الجواد فما يقلل جوده … ذنب ولا الحسنات فيه تكثر
كن لي اذا الرسل الكرام تعاظمت … ذنبي فظنت أنه لا يغفر
فلأنت أولى بالتجاوز محسنا … والعفو عن أهل القنوط وأجدر
وأنشدني الملك الناصر داوود بن عيسى لنفسه بحلب يمدح الامام المستنصر بالله أمير المؤمنين:
ودان ألمت بالكثيب ذوائبه … وجنح الدجى وحف (١) تجول غياهبه
تقهقه في تلك الربوع رعودة … وتبكي على تلك الطلول سحائبه
أرقت له لما توالت بروقه … وحلّت عز اليه وأسبل ساكبه
الى أن بدا من أشقر الصبح قادم … يراع له من أدهم الليل هاربه
وأصبح ثغر الأقحوانة ضاحكا … تدغدغه ريح الصبا وتداعبه
تمر على بنت الرياض بليلة … تجشّمه طورا وطورا تلاعبه
وأقبل وجه الأرض طلقا وطالما … غدا مكفهرا موحشات جوانبه
كساه الحيا وشيا من الارض فاخرا … فعاد قشيبا غوره وغواربه
كما عاد بالمستنصر بن محمد … نظام المعالي حين فلّت كتائبه
إمام تحلى الدين منه بماجد … تحلت بآثار النبي مناكبه
هو العارض الهتان لا البرق مخلف … لديه ولا أنواره وكواكبه
إذا السنة الشهباء شحّت بطلّها (٢) … سخي وابل منه وسحت سواكبه
(٢٩١ - و)
(١) -الوحف: الشعر الكثير الاسود، والجناح الكثير الريش. القاموس.
(٢) -الطل: الندى.