سلام كنشر الروض تسري به الصبا … فتعبق من أنفاسه وتطيب
على من يراه القلب مع بعد داره … قريبا ويدعو وده فيجيب
امام له في الفضل أشرف رتبة … اذا رامها خلق سواه يخيب
وقور اذا طاش الحليم حياؤه … على نفسه فما يروم رقيب
تفل غرار السيف حدة عزمه … فيرتاع منها الروع وهو مهيب
اذا ما علا صدر الأئمة منبرا … فقس عليه بالبيان خطيب
حبيب حباني من جواهر لفظه … بما قل عنه جرول وحبيب (١)
فحلى بها جيدي وقد كان عاطلا … وجدد بردا أنهجته خطوب
وصفى لي العيش الذي هو دائما … بتكدير أحداث الزمان مشوب
يلقح أبكار القرائح فكره … نسيب لأرواح الأنام نسيب
ألا هل أرى نادي نداه فأرتوي … فقد كدت من برح الغرام أذوب
والأبيات التي كتب بها خطيب خوارزم ابتداء:
هدى علم الدين المفخم شأنه … له في عظامي والعروق دبيب
تشوقنى الذكرى اليه فأنثنى … وأيسر ما بين الضلوع لهيب
أحن اليه حنة كلما دعت … شآبيب دمع العين فهي تجيب
بعيدا اذا قلبت طرفي نازح … وان لحظته فكرتي فقريب (٢٠٤ - و)
يشيم لكشف الغامضات مهندا … يطبق في أوصالها ويصيب (٢)
أتاني كتاب منه عم سروره … يهش له دامي الجفون كئيب
أراه افتخارا للفرزدق زانه … بطبع جرير مدحه ونسيب
تخيره عذب الكلام كأنه … رضيع هذيل بالعذيب ربيب
(١) -جرول هو الحطيئة الشاعر، وحبيب هو أبو تمام.
(٢) -تاريخ دمشق لابن عساكر:٤/ ٢٢٧ و-ظ.