فرأيت أبا نواس في السكة، فجلست اليه، فمر بنا أبو العتاهية على حمار، فسلم، ثم أومأ برأسه الى أبي نواس وأنشأ يقول:
لا ترقدن لعينك السهر … وانظر إلى ما تصنع العبر
انظر الى عبر مصرفة … إن كان ينفع عينك النظر
وإذا سألت فلم تجد أحدا … فسل الزمان فعنده الخبر
أنت الذي لا شيء تملكه … وأحق منك بمالك القدر
قال: فنظر إليّ أبو نواس، ثم قال:«أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون»(١).
أخبرنا عبد الصمد بن محمد-اذنا-قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال:
أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال: أخبرنا اسماعيل بن سعيد المعدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: قال لي أبو عبد الله محمد بن القاسم: أخبرني العتبي قال: رؤي مروان بن أبي حفصة (٢) واقفا بباب الجسر كئيبا آسفا ينكث بسوطه في معرفة دابته، فقيل له: يا أبا السمط ما الذي نراه بك؟ قال: أخبركم بالعجب، مدحت (١٦٤ - و) أمير المؤمنين، فوصفت له ناقتي من خطامها الى خفّيها، ووصفت الفيافي من اليمامة الى بابه أرضا أرضا، ورملة رملة، حتى اذا أشفيت منه على غنى الدهر جاء ابن بياعة الفخاخير-يعني أبا العتاهية-فأنشده بيتين، فضعضع بهما شعري، وسواه في الجائزة بي، فقيل له:
وما البيتان؟ فأنشد:
إن المطايا تشتكيك لأنها … تطوي إليك سبا سبا ورمالا
فإذا رحلن بنا رحلن مخفة … وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا (٣)
(١) - سورة الطور-الآية:١٥. الابيات ليست في ديوانه، انظر تاريخ بغداد ٦/ ٢٥٩. (٢) -من كبار شعراء العصر العباسي الاول. (٣) -ديوانه:٣٧٧ وفيه «قال يمدح عمرو بن العلاء مولى عمرو بن حربث صاحب المهدي»، انظر أيضا تاريخ بغداد:٦/ ٢٥٨.