فأنشده إياها، فوعده أن يزوجه بها، فلما خرج قال له النساء: إنه شبّب بها وشهرها في الناس وان زوجته اياها حققت عليها ما قال فيها، فأمر له عوضا من ذلك بخمسين ألف درهم.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال:
حدثنا محمد بن أبي العتاهية قال: غنّي الرشيد يوما في شعر أبي وهو في الحبس:
خليليّ مالي لا تزال مضرّتي … تكون على الأقدار حتما من الحتم
كفاك بحق الله ما قد ظلمتني … فهذا مقام المستجير من الظلم
ألا في سبيل الله جسمي وقوتي … أما مسعد حتى أنوح على جسمي (١)
فأمر الرشيد بإحضاره فقال له: أيجوز لك هذا، بالأمس ينهاك أمير المؤمنين المهدي عن القول في عتبة فتأبى إلا لجاجا ومحكا، واليوم آمرك بالقول فيها فتأبى ذلك؟! قال: يا أمير المؤمنين ان الحسنات يذهبن السيئات، كنت أقول في الغزل ولي شباب وحدة، وبي حراك وقوة، واليوم فأنا شيخ ضعيف لا يحسن بمثلي لهو ولا تصاب، فقال: والله لا رضيت منك (١٥٩ - و) إلا بالذي كنت عليه، ثم قال له:
أنشدني بعض ما قلت فيها، فسكت، فقال: والله لتنشدني شيئا من ذلك، فأنشده:
نفسي بشيء من الدنيا معلقة … الله والقائم المهدي يكفيها
إني لآيس منها ثم يطمعني … فيها احتقارك للدنيا وما فيها (٢)
فقال له الرشيد: هل لك في التزويج بها؟ قال: لا والله، قال: انك ان قبلت ذلك خليت سبيلك وزدت في منزلتك، قال: عليّ عهد الله عز وجل ألا أتزوج على أم ولدي حتى ألقى الله، فاعفني من ذلك يا أمير المؤمنين عفا الله عنك، فأمر الرشيد برده الى الحبس.