أقول: وجه وضعها بعد سورة يونس زيادة على الأوجه الستة السابقة: أن سورة يونس ذكر فيها قصة نوح مختصرة جدًّا مجملة١، فشرحت في هذه السورة وبسطت ما٢ لم يبسطه في غيرها من السور٣، ولا في سورة الأعراف على طولها، ولا في سورة {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا}[نوح: ١] التي أفردت لقصته.
فكانت هذه السورة شارحة لما أجمل في سورة يونس [توفية بالقاعدة، ثم إن مطلعها شديد الارتباط بمقطع سورة يونس] ٤، فإن قوله هناك:{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ}"يونس: ١٠٩" هو عين قوله هنا: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}"٢".
١ وذلك من قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} إلى {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} "٧١-٧٣". ٢ في المطبوعة: "بما"، والمثبت من "ظ". ٣ وذلك في قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} إلى {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} "٢٥-٤٨". وانظر: مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور "٢/ ١٦٤". ٤ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".