اعلم أن هذه السورة والأربع بعدها من قديم ما أنزل١.
أخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء:" [هن] ٢ من العتاق الأول، وهن من تلادي"٣، وهذا وجه في ترتيبها، وهو اشتراكها في قدم النزول، وكونها مكيات، وكلها٤ مشتملة على القصص.
وقد ظهر لي في وجه اتصالها بسورة النحل: أنه سبحانه لما قال في آخر النحل: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}"النحل: ١٢٤" فسر في هذه [السورة] ٥ شريعة أهل السبت وشأنهم، فذكر فيها جميع ما شرع لهم في التوراة، كما أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال:" [إن] ٦ التوراة كلها في خمس عشرة آية من سورة بني إسرائيل"٧، وذكر عصيانهم وإفسادهم٨، وتخريب مسجدهم، ثم ذكر استفزازهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وإرادتهم إخراجه من المدينة، ثم ذكر سؤالهم إياه عن الروح، ثم ختم السورة بآيات موسى التسع، وخطابه مع فرعون، وأخبر أن [فرعون أراد أن يستفزهم من الأرض، فأُهلك،
١ في "ظ": "نزل". ٢ ما بين المعقوفين من صحيح البخاري، وكذا في "ظ". ٣ أخرجه البخاري في التفسير "٦/ ١٨٩" عن ابن مسعود. ٤ في المطبوعة: "وكونها"، والمثبت من "ظ". ٥ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ". ٦ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ". ٧ تفسير ابن جرير "١٧/ ٢٤٣". ٨ في المطبوعة: "وفسادهم"، والمثبت من "ظ".