أقول: لما ذكر في آخر "لم يكن" أن جزاء الكافرين جهنم، وجزاء المؤمنين جنات، فكأنه قيل: متى يكون ذلك؟ فقيل:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}"١" أي: [حين] تكون١ زلزلة الأرض، إلى آخره.
هكذا ظهر لي، ثم لما راجعت تفسير الإمام الرازي، ورأيته ذكر نحوه فحمدت٢ الله كثيرًا، وعبارته: ذكروا في مناسبة هذه السورة لما قبلها وجوهًا؛ منها: أنه تعالى لما قال: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ}"البينة: ٨"، فكأن المكلف قال: ومتى يكون ذلك يا رب؟ فقال:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}"١".
ومنها: أنه لما ذكر فيها وعيد الكافرين، ووعد المؤمنين، أراد أن يزيد في وعيد الكافرين فقال:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} ونظيره: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} ٣ ثم ذكر ما للطائفتين فقال: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} ٤ إلى آخره، ثم جمع بينهما هنا في آخر السورة بذكر الذرة من٥ الخير والشر. انتهى٦.
١ في "ظ": "يكون يوم". ٢ في المطبوعة: "حمدت"، والمثبت من "ظ". ٣ سورة آل عمران: ١٠٦. ٤ سورة آل عمران: ١٠٦. ٥ في المطبوعة: "الذي يعمل"، والمثبت من "ظ". ٦ مفاتيح الغيب، للرازي "٨/ ٦٥٨" وما بعدها.