وإن كان مجيزًا للآخر وقائلًا به, ألا ترى إلى قول سيبويه١ في قولهم: له مائة بيضًا: إنه حال من النكرة، وإن كان جائزًا أن يكون "بيضًا" حالًا من الضمير المعرفة المرفوع في "له". وعلى ذلك حمل قوله٢:
لعزة موحشًا طلل
فقال فيه: إنه حال من النكرة, ولم يحمله على الضمير٣ في الظرف. أفيحسن بأحد "أن يدَّعى على أحد"٤ متوسطينا أن يخفى هذا الموضع عليه, فضلًا عن المشهود له بالفضل: سيبويه.
نعم, وربما٥ أفتى بالوجه الأضعف عنده، لأنه٦ على الحالات وجه صحيح. وقد فعلت العرب ذلك عينه ألا ترى إلى قول عمارة لأبي العباس وقد سأله عمَّا أراد بقراءته ٧:{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} ٨ فقال له: ما أردت؟ فقال: أردت: سابقُ النهار, فقال له أبو العباس: فهلَّا قلته؟ فقال: لو قلته لكان أوزن, أي: أقوى. وهذا واضح. فاعرف ذلك ونحوه مذهبًا يقتاس به ويفزع إليه.
١ انظر الكتاب ١/ ٢٧٢. ٢ أي: كثير عزة، ومن رواه: "لمبة" نسبة إلى ذي الرمة, وإيراد الشطر الأوّل كما هو هنا, هو وفق ما في ش. وبعد: يلوح كأنه خلل وفي د، هـ، ز، ط: لعزّة موحشًا طلل قديم وبعده: عفا كل أسحم مستديم والخلل جمع الخلة، بكسر الخاء وفتح اللام مشدَّدة، وهي بطانة تغشى بها أجفان السيوف منقوشة بالذهب وغيره. والأسحم: الأسود, وأراد به السحاب؛ لأنه إذا كان ذا ماء يرى أسود لامتلائه. وانظر الكتاب ١/ ٢٧٦, والخزانة ١/ ٥٣١. ٣ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "المضمر". ٤ سقط ما بين القوسين في ش. ٥ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "قد". ٦ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "إلا أنه". ٧ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "بقوله". ٨ آية: ٤٠، سورة يس.