[باب في إجراء المتصل مجرى المنفصل، وإجراء المنفصل مجرى المتصل]
فمن الأول قولهم: اقتتل القوم واشتتموا. فهذا بيانه "نحو من بيان"١ "شئت تلك"٢ وجعل لك إلا أنه أحسن من قوله:
الحمد لله العلي الأجلل
وهذا٣ لأن إنما يظهر مثله ضرورة وإظهار٤ نحو اقتتل واشتتم مستحسن وعن غير ضرورة.
وكذلك باب قولهم: هم يضربونني وهما يضربانني أجري -وإن كان متصلًا- مجرى يضربان نعم ويضربون٥ نافعًا. ووجه الشبه بينهما أن نون الإعراب هذه٦ لا يلزم٧ أن يكون بعدها نون؛ ألا ترى أنك تقول: يضربان زيدًا ويكرمونك ولا تلزم٨ هي أيضًا، نحو لم يضرباني. ومن ادغم نحو هذا واحتج بأن المثلين في كلمة واحدة فقال: يضرباني و"قال٩ تحاجونا" فإنه يدغم أيضًا نحو اقتتل، فيقول: قتل. ومنهم من يقول: قتل ومنهم من يقول: قتل. ومنهم من يقول: اقتل، فيثبت همزة الوصل مع حركة القاف، لما كانت الحركة عارضة للنقل أو لالتقاء١٠ الساكنين وهذا مبين في فصل الادغام.
ومن ضد ذلك١١ قولهم: ها الله ذا١٢، أجرى مجرى دابةٍ وشابةٍ. وكذلك قراءة من قرأ {فَلَا تَتَنَاجَوْا} ١٣ و {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا} ١٤ ومنه -عندي- قول الراجز -فيما أنشده١٥ أبو زيد:
من أي يومي من الموت أفرّ ... أيوم لم يقدر أم يوم قدر
١ كذا في ط، وفي ز: "نحو" وفي ش: "بيان"، ويريد بالبيان الإظهار وترك الإدغام. ٢ كذا في الأشباه للسيوطي، وفي ط: "سيت تلك" وهو محرف عما أثبت، وفي ش: "سبب تلك"، وفي د، هـ، ز: "ضرب بكر". ٣ كذا في ش، وفي ط؛ "وبابه" وسقط في د، هـ، ز. ٤ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز:"إظهاره. ٥ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "يشتمان". ٦ سقط في ط. ٧ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "تلزم". ٨ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "يلزم". ٩ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "قل أتحاجونا". ١٠ في د، هـ، ز: "النقاء". ١١ سقط في د، هـ، ز. ١٢ سقط في ش، ط: ويريد إثبات ألف "ها" فتلتقي ساكنة مع اللام الأولى من لفظ الجلالة. ١٣ آية ٩ سورة المجادلة، وفي الأسول: "ولا تناجوا" وهو غير التلاوة، وهو يريد القراءة بإدغام التاءين في "تتناجوا" وهي قراءة ابن محيصن، وانظر البحر ٨/ ٢٣٦. ١٤ آية ٣٨ سورة الأعراف، وهو يريد القراءة بإثبات ألف "إذا" على الجمع بين الساكنين، وهي قراءة عصمة عن أبي عمرو، وانظر تفسير القرطبي ٧/ ٢٠٤. ١٥ انظر النوادر ١٣، وحماسة البحتري ٤٥، والعقد الفريد في "فضائل الشعر" ففيه أن عليا رضي الله عنه تمثلى به، وفيه بيت آخر بعده.