هذا غور من اللغة١ بطين، يحتاج مجتابه إلى فقاهة في النفس، ونصاعة من٢ الفكر، ومساءلة خاصية٣، ليست٤ بمبتذلة ولا ذات هجنة.
ألقيت يوما على بعض من كان٥ يعتادني، فقلت٦: من أين تجمع بين قوله٧:
لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب
وبين قولنا: اختصم زيد وعمرو؟ فأجبل٨ ورجع مستفهما. فقلت: اجتماعهما من حيث وضع كل واحد منهما في غير الموضع الذي بدئ له. وذلك٩ أن الطريق خاص وضع موضع العام. وذلك أن وضع هذا أن يقال: كما عسل أمامه الثعلب، وذلك الأمام قد كان يصلح لأشياء من الأماكن كثيرة: من طريق وعسف
١ كذا في ش، وفي، هـ، ز، ط: "العربية". ٢ في د، هـ، ز: "في". ٣ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "خاصة". ٤ في ش: "وليست". ٥ زيادة في ط. ٦ سقط في ش. ٧ أي ساعدة بن جؤية الهذلي وهو في وصف الرمح، واللدن: اللين الناعم، وقوله: "يعسل متنه" يشتد اهتزازه، ويقال: عسل الثعلب والذئب في سيره: اشتد اضطرابه، وانظر الخزانة في الشاهد التاسع والستين بعد المائة. ٨ أي انقطع، وأصل ذلك أن الحافر ليبلغ الماء يفض إلى جبل أو صخر ولا يجد ماء. ٩ في ط: "ألا ترى".