فهذا كقولهم١ في حنيفة: حنفيّ لما حذفوا هاء٢ حنيفة حذفوا أيضًا ياءها, ولما لم يكن في حنيف تاء تحذف فتحذف لها الياء صحت الياء, فقالوا فيه: حنيفيّ. وقد تقدَّم القول على ذلك.
وهذا الموضع هو٣ الذي دعا أبا العباس أحمد بن يحيى في كتاب فصيحه أن أفرد له بابًا, فقال: هذا باب فُعِل -بضم الفاء- نحو قولك: عُنِيت بحاجتك, وبقية الباب. إنما غرضه فيه إيراد الأفعال المسندة إلى المفعول, ولا تسند إلى الفاعل في اللغة الفصيحة, ألا تراهم٤ يقولون: نخى زيد من النخوة, ولا يقال: نخاه كذا, ويقولون: امتقع لونه, ولا يقولون:"امتقعه كذا, ويقولون: انقطع بالرجل, ولا يقولون"٥: انقطع به كذا. فلهذا جاء بهذا الباب أيّ ليريك أفعالًا خصت بالإسناد إلى المفعول دون الفاعل, كما خصت أفعال بالإسناد إلى الفاعل دون المفعول, نحو: قام زيد, وقعد جعفر, وذهب محمد, وانطلق بشر. ولو كان غرضه أن يرك صورة ما لم يسمّ فاعله مجملًا غير مفصَّل على ما ذكرنا لأورد فيه٦ نحو: ضرب وركب وطلب وقتل وأكل وسمل٧ وأكرم وأحسن إليه واستقصى٨ عليه, وهذا يكاد يكون إلى ما لا نهاية [له] ٩.
فاعرف هذا الغرض, فإنه أشرف من حفظ مائة ورقة لغة.
ونظير مجيء اسم المفعول ههنا على حذف الزيادة -نحو: أجببته فهو محبوب- مجيء اسم الفاعل على حذفها أيضًا, وذلك نحو قولهم: أورس١٠ الرمث فهو وارس،
١ في د، هـ، ز: "قولهم". ٢ يريد بالهاء تاء التأنيث. ٣ سقط في د، هـ. ٤ كذا في ش. وفي د، هـ: "ترى أنهم". ٥ ما بين القوسين سقط في د، هـ. ٦ سقط في د، هـ. ٧ في د، هـ: "شمل". ٨ في د، هـ: "استعدى". ٩ زيادة في الأشباه. ١٠ أي: اصفر ورقه. والرمث: شجر ترعاه الإبل.