فهذا كقولك: هو مجبول من الكرم, ومطين من الخير, وهي مخلوقة١ من البخل. وهذا أوفق معنى من أن تحمله٢ على القلب وأنه يريد به ٣: والبخل من الضنين؛ لأن فيه من الإعظام والمبالغة ما ليس في القلب.
ومنه ما أنشدناه أيضًا من قوله:
وهنّ من الإخلاف قبلك والمطل٤
و"قوله"٥:
وهن من الإخلاف والولعان٦
وأقوى التأويلين في قولها ٧:
فإنما هي إقبالٌ وإدبار
أن يكون٨ من هذا، أي: كأنها مخلوقة٩ من الإقبال والإدبار لا على أن يكون من باب حذف المضاف, أي: ذات إقبال وذات إدبار. ويكفيك من هذا كله قول الله -عز وجل:{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} ١٠ وذلك لكثرة فعله إياه واعتياده له, وهذا أقوى معنى من أن يكون أراد: خلق العجل من الإنسان؛ لأنه أمر قد
١ في أ: "مملوءة". ٢ كذا في أ، ش، وفي غيرهما: "يحمله". ٣ سقط في ش. ٤ نسبه في اللسان "ولع" إلى البعيث، وكأنه من القصيدة التي فيها البيت السابق. ٥ سقط في غير ش، أ. ٦ صدره كما في اللسان "ولع": لخلابة العينين كذابة المنى والولعان: الكذب. وانظر إصلاح المنطق طبعة المعارف ٢٩٨، وشواهد ابن السيرافي. ٧ أي: الخنساء في رثاء أخيها صخر، وصدره: ترتع ما رتعت حتى إذا ادَّكرت ونظر الخزانة ١/ ٢٠٧. ٨ في أ: "تكون". ٩ كذا في أ. وفي غيرها: خلفت. ١٠ آية ٣٧، سورة الأنبياء.