ثم تلاقى صاحبا اللغتين فاستضاف هذا بعض لغة هذا، وهذا بعض لغة هذا، فتركبت لغة ثالثة. قال الكسائي: سمعت من أخوين من بني سليم ٢ نما ينمو, ثم سألت بني سليم عنه فلم يعرفوه. وأنشد أبو زيد لرجل من بني عقيل:
ألم تعلمي ما ظلت بالقوم واقفا ... على طلل أضحت معارفه قفرا٣
فكسروا الظاء في إنشادهم وليس من لغتهم.
وكذلك القول فيمن قال: شعر فهو شاعر, وحمض فهو حامض, وخثر فهو خاثر: إنما هي على نحو من هذا. وذلك أنه يقال: خَثُر وخَثَر, وحمُض وحمَض, وشعُر وشعَر وطهُر وطهَر فجاء شاعر وحامض وخاثر وطاهر على حمَض, وشعَر وخثَر وطهَر ثم استغني بفاعل عن "فعيل " وهو في أنفسهم وعلى بال من تصورهم. يدل على ذلك تكسيرهم لشاعر: شعراء لما كان فاعل هنا واقعًا موقع " فعيل " كسر تكسيره ليكون ذلك أمارة ودليلا على إرادته وأنه مغن عنه, وبدل منه كما صحح العواور٤ ليكون دليلا على إرادة الياء في العواوير، ونحو ذلك.
١ كذا في أ، ب. وهو ما في اللسان "موت"، وما في الجمهرة ٣/ ٤٨٥، وقال ابن دريد يعد إنشاده: "أراد بنبتي". وفي ش: ينبتي سيدة البنات ويبدو كأنها مصلحة وهو يوافق ما في الصحاح. ٢ كذا في أ. وفي ب، ش: "من بني سليم يقولان". ٣ هذه رواية البيت كما في أ. وقد ورد في ب، ش: ألم تعلما ما ظلت بالقوم واقفا ... على طلل أضحت معالمه قفرا ٤ أي في قوله: وكحل العينين بالعواور وانظر ص١٩٦ من هذا الجزء.