وهذا التجاور الذي ذكرناه في الأحوال والأحيان لم يعرض له أحد من أصحابنا. وإنما ذكروا تجاور الألفاظ فيما١ مضى. وقد مر بنا شيء من هذا النحو في المكان؛ قال:
وهم إذا الخيل جالوا في كواثبها٢
وإنما يجول الراكب في صهوة الفرس لا في كاثبته٣، لكنهما لما تجاورا جريا مجرى الجزء الواحد.
باب في نقض الأصول وإنشاء أصول "غيرها منها"٤:
رأيت أبا علي -رحمه الله- معتمدا هذا الفصل من العربية، ملما به، دائم التطرق له والفزع فيما يحدث٥ إليه. وسنذكر من أين أنس به، حتى عول في كثير من الأمر عليه.
وذلك كقولنا٦: بأبأت بالصبى بأبأة وبئباء إذا قلت له: بئبا٧. وقد علمنا أن أصل هذا أن الباء حرف جر، والهمزة فاء الفعل، فوزن هذا على هذه المقدمة: بفبفت بفبفة وبفبافا، إلا أنا لا نقول مع هذا: إن هذه المثل على ما ترى، لكن نقول: إن بأبأت الآن بمنزلة رأرأت٨ عيناه، وطأطأت رأسي، ونحو ذلك مما ليس متنزعا ولا مركبا. فمثاله٩ إذا: فعللت فعللة وفعلالا، كدحرجت دحرجة ودحراجا.
١ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "على ما". ٢ الكواثب جمع الكاثبة، وهي من الفرس مجتمع كنفية قدام السرج. ٣ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "كواثبه"، وقوله: "تجاورا جريا" كذا والواجب أن يقال "تجاورتا جريا" إذا الحديث عن الصهوة والكاثية ولكنه راعي أنهما جزءان. ٤ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "منها غيرها". ٥ كذا في ش، وفي د، ط: "يحزبه"، وفي هـ، ز: "يحزنه". ٦ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كقولك". ٧ رسم في ش: "بأبأ" وفي ز، ط: "بيبا" وهو على تخفيف الهمزة، والمراد أن يقول له: بأبى أنت أي أفديك بأبى. ٨ أي تحركت حدقتاهما وداوتا. ٩ كذا في ش، وفي د، هـ، ز" ط: "فمثالها".