وقيل: إنما يعطون النور؛ لأن جميعهم أهل دعوة دون الكافر، ثم يسلب المنافق نوره؛ لنفاقه، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
وقيل: بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين، ولا يُعطَون النور، فبينما هم يمشون إذ بعث الله فيهم ريحاً وظلمة، فأطفأ بذلك نور المنافقين، فيخشى المؤمنون أن يُسْلَبوا نورهم كما سُلبه المنافقون، فيسألون الله - عز وجل - أن يتمَّ لهم نورهم، قال سبحانه عن ذلك:{يَوْمَ لا يُخْزِي الله النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(١)، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواضع أقدامهم قالوا للمؤمنين:{انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}(٢).
وقد جاء في هذا النور أحاديث وآثار كثيرة، منها ما يأتي:
الحديث الأول: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سئل عن الورود، وفيه رؤية الله تعالى: ((فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلِقُ بهم ويتبعونه، ويُعطَى كل إنسانٍ منهم - منافق أو مؤمن - نوراً، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يُطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة
(١) سورة التحريم، الآية: ٨. (٢) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ٢٣/ ١٧٨ - ١٨٧، و٤٩٣ - ٤٩٦، وتفسير البغوي، ٤/ ٢٩٥، و٣٦٧، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١٧/ ٢٣٣ - ٢٣٩، و١٨/ ١٩١، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ٤/ ٣٠٨ - ٣١٠، و٣٩٢، واجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم، ٣/ ٨٦، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٧٧٩ - ٨٠٩.