الذي يُبيّن الحجة الواضحة، والسبل الهادية إلى ما فيه النجاة من عذاب الله، وأليم عقابه، لمن سلكها واستنار بضوئها (١). والله - عز وجل - قد جعل النور في كتبه التي أنزلها على رسله، قال الله - عز وجل -: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}(٢)، وقال - سبحانه وتعالى -: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ}(٣)، وقال تعالى في عيسى - صلى الله عليه وسلم -: {وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}(٤)، وقد أنزل الله - عز وجل - القرآن الكريم، وختم به هذه الأنوار، فهو النور الأعظم، قال الله تعالى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله}(٥).
٥ - وقال الله - عز وجل -: {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ}(٦): يعني بالنور محمداً - صلى الله عليه وسلم - الذي أنار الله به الحق، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به، يُبيّن الحق، قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا}(٧)، ومن إنارته - صلى الله عليه وسلم - للحق تبيينه لليهود كثيراً مما كانوا يخفون من الكتاب، وقوله تعالى:{وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} يعني كتاباً فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم:
(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ٩/ ٤٢٧،وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ١/ ٥٦٠. (٢) سورة المائدة، الآية: ٤٤. (٣) سورة الأنعام، الآية: ٩١. (٤) سورة المائدة، الآية: ٤٦. (٥) سورة المائدة، الآية: ٤٨. (٦) سورة المائدة، الآيتان: ١٥ - ١٦. (٧) سورة الأحزاب، الآيتان: ٤٥ - ٤٦.