ويقال لمن زعم أني لا أقول: القرآن مكتوب في المصحف، ولكن القرآن بعينه في المصحف، يلزمك أن تقول: إن ما ذكر الله في القرآن من الجن، والإنس، والملائكة، والمدائن، ومكة، والمدينة، وغيرهما، وإبليس، وفرعون، وهامان، وجنودهما، والجنة، والنار: عاينتهم بأعيانهم في المصحف؛ لأن فرعون مكتوب فيه، كما أن القرآن مكتوب فيه.
ويلزمك أكثر من هذا، حين تقول في المصحف: [الله، لأنه مكتوب فيه {اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيوُّمُ} . وهذا أمر بيِّن؛ لأنك تضع يدك على هذه الآية، وتراها بعينك] (١) .
فلا يشك عاقل بأن الله هو المعبود، وقوله:{اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيوُّمُ}(٢) هو قرآن.
وكذلك جميع القرآن هو قوله - تعالى - والقول صفة القائل، موصوف به.
فالقرآن قول الله عز وجل.
والقراءة، والكتابة، والحفظ للقرآن، هو فعل الخلق، وهو طاعة الله {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}(٣) وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّه}(٤)
(١) ما بين الحاصرتين تصرفت فيه بالتقديم والتأخير؛ لأن فيه ارتباكاً وتعقيداً، والمقصود منه واضح، وأظن أنه حصل فيه الاضطراب من النساخ. (٢) الآية ٢٥٥ من سورة البقرة و ٢ من سورة آل عمران. (٣) الآية ١٠٦ من سورة الإسراء. (٤) الآية ٢٩ من سورة فاطر.