الملائكة، وقالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا:{الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} والذين فزع عن قلوبهم ها هنا ملائكة السماء الدنيا.
وقيل: إن ملائكة كل سماء، فزعوا لنزول جبريل، ومن معه من الملائكة، فقال كل فريق منهم لهم:((ماذا أنزل ربكم؟)) (١) .
وهذه الآية لها تعلق بما قبلها، وهي قوله تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ {٢٢} وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ} (٢) .
قال ابن كثير:((بين تعالى أنه الإله الواحد الأحد الذي لا نظير له، ولا شريك له، بل هو المستقل بالأمر وحده من غير مشارك، ولا منازع، ولا معارض، فقال تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ} أي: من الآلهة التي عبدت من دونه، {لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} كما في الآية الأخرى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} (٣) .
وقوله:{وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ} أي: لا يملكون شيئاً استقلالاً، ولا على سبيل الشركة:{وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ} أي: ليس لله من هذه الأنداد من ظهير يستظهر به في الأمور، بل الخلق كلهم فقراء إليه)) (٤) .
والمقصود: أن الملائكة الذين سمعوا كلام الله يفزعون له خوفاً، ولم يفهموا كلامه من شدة فزعهم، فإذا ذهب فزعهم، أقبل بعضهم على بعض يتساءلون: ماذا قال ربكم؟ فيجيب المسؤولون، بأنه تعالى: قال الحق، فيقولون كلهم: قال الحق، وهو العلي الكبير. كما وضح ذلك في الأحاديث التي ذكر هنا بعضها.
(١) تهذيب اللغة (٢/١٤٥-١٤٦) . (٢) الآيتان ٢٢، ٢٣ من سورة سبأ. (٣) الآية ١٣ من سورة فاطر. (٤) ((تفسير ابن كثير)) (٦/٥٠١) طبعة الشعب.