قال العلماء: كراهة ذلك أنه لا يتحقق استعماله المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه، والله - تعالى - منزه عن ذلك، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث:((فإنه لا مكره له)) .
وقيل: سبب الكراهة أن في هذا اللفظ صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه)) (١) .
وقال الحافظ:((النهي لأن التعليق بالمشيئة إنما يحتاج إليه إذا كان المطلوب منه يتأتى إكراهه على الشيء، فيخفف الأمر عليه، ويعلمه بأنه لا يطلب منه الشيء إلا برضاه، والله - تعالى - منزه عن ذلك، فلا فائدة لتعليق. وقيل: لأن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب، والمطلوب منه، والأول أولى)) (٢) .
قلت: كلا الأمرين دل عليهما النهي، ويدخلان فيه، كما تقدم.
وكلام النووي - رحمه الله - ظاهره أن النهي للكراهة، وليس للتحريم، ومثله كلامه في الأذكار، فإنه قال:((ويكره أن يقول في الدعاء: اللهم اغفر لي إن شئت، أو إن أردت، بل يجزم بالمسألة)) (٣) .
وهذا خلاف ظاهر الحديث، ولا أدري ما دليله على ذلك؟ وقد جاء في رواية في ((الصحيحين)) ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم في الدعاء، فإن الله صانع ما شاء)) (٤) ، وهذا ظاهر في التحريم، والقاعدة: أن النهي يحمل على التحريم، ما لم يدل دليل على أنه لكراهة التنزيه.
(١) ((شرح مسلم)) (١٧/٧) . (٢) ((الفتح)) (١/١٤٠) . (٣) (ص٤٩٦) . (٤) انظر ((الفتح)) (١١/١٣٩) ، و ((مسلم)) (٤/٢٠٦٣) رقم (٢٦٧٩) .