فالأمة: كل جماعة يجمعهم أمر من الأمور؛ إما دين، أو زمان، أو مكان.
ويراد بها الملة والدين، كما في قوله تعالى:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ}(٢) .
ويراد بها الطائفة من الزمان، كما في قوله تعالى:{وَادَّكَرَ بَعدَ أُمَّةٍ}(٣) ، أي: بعد حين.
ويراد بها: الإمام القدوة المتبع، كما في قوله تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا}(٤) . والمقصود أن جماعة من هذه الأمة تبقى ظاهرة على دين الله، منصورة إلى قيام الساعة، وهذا من فضل الله - تعالى - أن جعل الحق باقياً، لا يذهب ولا يضمحل وإن كثر محاربوه وأعداؤه، كما هو الواقع، والحمد لله على ذلك.
قوله:((لا يضرهم من كذبهم، ولا من خذلهم)) هذا من نصر الله - تعالى -، وتأييده لهذا الدين، ومن آياته: بقاء هذه الأمة ظاهرة، منصورة على عدوها، مع كثرة الأعداء، ومحارتهم لها بأنواع الأسلحة المادية والمعنوية، ومع خذلان من هم على دينها من المسلمين.
فقوله:((من كذبهم)) يقصد بهم: الكفار من جميع الأجناس، من ملاحدة، ويهود، ونصارى، ومشركين، ومرتدين، وغيرهم.
وقوله:((ولا من خذلهم)) يقصد بهم: من قعد عن نصرتهم ممن هو على
(١) الآية ٣٦ من سورة النحل. (٢) الآية ٢٣ من سورة الزخرف. (٣) الآية ٤٥ من سورة الزخرف. (٤) الآية ١٢٠ من سورة النحل.