العرش فوق السموات قال:{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} لأنه مستو على العرش، الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، فالعرش أعلى السماوات، وليس ذا قال:{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} يعني جميع السموات، وإنما أراد العرش، الذي هو أعلى السموات، ألا ترى أن الله - عز وجل- ذكر السموات فقال:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}(١) ، ولم يرد أن القمر يملأهن جميعاً، وأنه فيهن جميعاً.
ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا، نحو السماء، لأن الله - عز وجل- مستو على العرش، الذي هو فوق السماوات، كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض.
ولو كان كما تقوله المعتزلة، والجهمية، أن معناه: استولى، وملك، وقهر، لم يكن هناك فرق بين العرش، والأرض السابعة، ولكان مستوياً على العرش، وعلى الأرض، وعلى السماء، وعلى الحشوش، والأقذار" (٢) ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقال الباقلاني - وهو من أئمة الأشاعرة -: " فإن قال قائل: أتقولون: إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه، كما أخبرنا في كتابه، فقال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(٣) ، وقال:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}(٤) ، وقال:{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ}(٥) .
(١) الآية ١٦ من سورة نوح. (٢) "الإبانة" (ص٨٥-٨٧) ملخصاً. (٣) الآية ٥ من سورة طه. (٤) الآية ١٠ من سورة فاطر. (٥) الآية ١٦ من سورة الملك.