وفي ((سنن)) أبي داود والنسائي عن أبي هريرة: ((المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس)) ، قال الخطابي:((المعنى أنه يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت، فيبلغ الغاية من المغفرة، إذا بلغ الغاية من الصوت، وقيل: المعنى: لو قدر أن المكان الذي يصل إليه صوته لو كان له ذنوب تملؤه لغفرت)) (١) .
((وقال النوربشتي: المراد من هذه الشهادة: اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة، كما يفضح بالشهادة قوما، فكذلك يكرم بالشهادة آخرين)) (٢) .
وقال الكرماني:((رفع الصوت بالقرآن، أحق بالشهادة، وأولى)) (٣) .
يعني: أن ذلك مراد البخاري من الحديث.
والظاهر أن مراده: أن أصوات العباد من أفعالهم التي يثابون عليها، أو يعاقبون، ومن ذلك القراءة، والتلاوة، فهي فعل التالي الذي يثاب عليه.
*****
١٧٣- قال:((حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أمه، عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرأ القرآن، ورأسه في حجري، وأنا حائض)) .
ترجم لهذا الحديث في الحيض: باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض. وكان أبو وائل يرسل خادمه، وهي حائض، إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف، فتمسكه بعلاقته، ثم ذكر الحديث بلفظ: ((كان يتكئ في حجري، وأنا
(١) ((معالم السنن)) (١/٣٥٤) ، و ((النسائي)) (٢/١٣) . (٢) ((الفتح)) (٢/٨٩) . (٣) انظر شرحه للبخاري (٢٥/٢٣٥) .