فلما رجعا، وأخبرا بذلك عمر رضي الله عنه، قال لهما:"لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق"، فقالا (٢): "حملناها ما تطيق، ولبر زِدنا لأطاقَت"(٣) وقيل: بلغ ذلك ستة وثلاثين ألف ألف جريب.
ووضع عمر رضي الله عنه الجزيةَ على ثلاث مراتب: على الفقير المعتمل اثني عشر درهما، وعلى وسط الحال أربعة وعشرين درهما، وعلى (٤) الفائق في الغِنى ثمانية وأربعين درهما (٥).
أراد بالمعتمل: القادر على العمل (٦)، وإنما اعتبر القدرةَ على العمل؛ لأن الجزية لا
(١) قال الكاساني: هكذا وظفه عمر بمحضر من الصحابة، ولم بنكر عليه أحد، ومثله يكون إجماعا. "بدائع الصنائع" ٢/ ١٨٥، و انظر "مختصر الطحاوي" ص ٢٩٤، "كتاب الأمرال" لأبي عبيد ١/ ٥٧. (٢) في (ج) و (د): "قالا". (٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" عن عمرو بن ميمون قأل: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام المدينة، وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا حمّلتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملنا أمرا هي له مطيعة ما فيها كبير فضل، قال: انظروا أن تكونا حملتماها مالاتطيق" صحيح البخارى، مناقب عثمان، باب قصّة البيعة. (٤) على: ساقط بن (ج) و (د). (٥) انظر "كتاب الخراج" لأبي يوسف، ص ١٣٢. (٦) ولذا قال أبو يوسف في "الخراج": ولاتؤخذ الجزية من الشيخ الكبير الذى لا يستطيع العمل ولا شيئ له، وكذلك المغلوب على عقله لا يؤخذ منه شيئ. "كتاب الخراج" ص ١٣٢.