[باب ما يصدق فيه الأسير أنه مسلم أو ذمي وما لا يصدق]
بنى الباب على أصلين:
أحدهما: أن العمل بالظاهر واجب ما لم يعارضه دليل فوقه (١)، والسيماء أقوى من المكان، والبينة أقوى من الكل لما يذكر.
والثاني: أن الشهادة تردّ بالتهمة (٢)، ومن أسباب التهمة الشركة في المشهود به
(١) قرّر الإمام السرخسي هذه القاعدة بصيغة: "البناء على الظاهر واجب مالم يتبين خلافه"، "شرح السير الكبير" ١/ ٣٠٠١، و ٤٠/ ١٤٤٤. وذكرها ابن عبد البرّ بلفظ: "الظاهر لا يخرج عنه إلا بيبيان" "التمهيد" لابن عبد البر، ١٣/ ٢٢٧. وقوله: "مالم يعارضه دليل فوقه" يتضح بقاعدة أخرى ذكرها قاضيخان بعبارة: "الثابت بحكم الظاهر يجوز إبطاله بدليل أقوى منه"، انظر ص ٣٠١٣ من هذا الكتاب. (٢) لا تقبل شهادة المتهم باتفاق الفقهاء، لأنه يجر بشهادته إلى نفسه مغنما أو يدفع عن نفسه مغرما. انظرا "بدائع الصائع" ٦/ ٢٧٢."المبسوط" ١٦/ ١٢، "فتح القدير" ٧/ ٣٧٦ - ٣٧٨. وذلك ثابت بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، منها ما رواه الحافظ عبدالرزاق عن أبي هريرة قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديا. في السوق، أنه لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، قيل: وما الظنين؟ قال: المتهم في دينه" مصنف لعبدالرزاق ٨/ ٣٢٠، الحديث: ١٥٣٦٥، ورواه البيهقي بسنده إلى طلحة بن عبدالله بن عوف، وقال: أخرجه أبو داود في المراسيل السنن الكبرى ١٠/ ٢٠١.