وجه الدلالة: الآية فيها مدح ليحيى -رحمه الله- بأنه حصورًا ومعناها: الذي لا يأتي النساء فلو كان النكاح أفضل من نوافل العبادات، لما مدحه الله تعالى بتركه. (١)
ونوقش: ما ذكر عن يحيى -رحمه الله- هو: واردٌ في شرعه، وشرعنا واردٌ بخلافه. (٢) وشرع من قبلنا إن ورد ناسخه في شرعنا، فليس شرعا لنا. (٣)
وجه الدلالة: هذه الآيات ذُكرَ فيها الاشتغال بالنكاح في مقام الذم (٥)، وأنه كالشهوات الباقية المذكورة في الآيات فكان الاشتغال بنوافل العبادات أفضل، ولو كان النكاح أفضل منها لما ذمه الله.
ونوقش: بأن الذّم يتوجه في هذه الأشياء المذكورة ومنها النكاح إلى سوء القصد فيها. (٦)
ثانيًا: قول الصحابي
قال ابن سيرين (٧): ((إن عُتبَةَ بنَ فَرقَد (٨) عرض على ابنه (٩) التزويج فَأَبَى، فذكر ذلك لعثمان -رضي الله عنه-، فقال
(١) انظر: «فتح الملك العزيز»، لابن البهاء الحنبلي (٥/ ١٢٧) (٢) «فتح الملك العزيز»، (٥/ ١٢٧) (٣) «شرح مختصر الروضة» الطوفي، (٣/ ١٦٩ - ١٧٠) (٤) [سورة آل عمران: ١٤]. (٥) «فتح الملك العزيز»، (٥/ ١٢٧) (٦) انظر: «زاد المسير في علم التفسير» (١/ ٢٦٥) (٧) هو: محمد بن سيرين البصري، أبو بكر أخذ عن: أبي هريرة وابن عمر، وعنه: قتادة بن دعامة وأيوب السختياني، قال عنه الطبري: (كان فقيهًا، عالمًا، ورعًا، أديبًا، كثير الحديث، صدوقًا، وشهد له أهل العلم والفضل بذلك، وهو: حجة) مات سنة (١١٠ هـ) انظر: «وفيات الاعيان» (٤/ ١٨١) و «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٤٠٦) (٨) هو: عتبة بن فرقد السلمي، أبو عبد الله، كان أميرًا لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على بعض فتوحات العراق، غزا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوتين. شهد خيبر، وقسم له منها، وولاه عمر -رضي الله عنه- في الفتوح، ففتح الموصل. قال أبو عثمان النهدي: (جاءنا كتاب عمرو نحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أخرجاه، ونزل عتبة بعد ذلك الكوفة ومات بها) «الاستيعاب في معرفة الأصحاب»، (٣/ ١٠٢٩) «الإصابة في تمييز الصحابة» (٤/ ٣٦٥) (٩) هو: عمرو بن عتبة بن فرقد السلمي، أخذ عن: ابن مسعود، وسبيعة الأسلمية، وعنه: الشعبي، وحوط بن رافع، كان أبوه من الصحابة، كان يتولى الولايات ويجتهد بابنه عمرو أن يعينه على ذلك فلا يفعل زهدًا في الدنيا. استشهد في غزاة أذربيجان، في خلافة عثمان -رضي الله عنه-. «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» لعبد الرحمن بن الجوزي، (٤/ ٣٤٩) «تاريخ الإسلام»، للذهبي (٢/ ٨٦٨)