علم أن يقال له: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فالمصدر هنا مضاف إلى المفعول لا إلى الفاعل، وإنما هو [١٤٦و] من باب قول الله "سبحانه": {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ ١} ، أي: بسؤاله إياك نعجتك. ومثله قوله "تعالى": {لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ ٢} ، أي: من دعائه الخير، لا بد من هذا التقدير.
ألا ترى أنه لا يجوز أن تقدره على أنه: وعنده علم أن يقول الله: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون؟ لأن هذا إنما يقال لله "تعالى" دون أن يكون "سبحانه" يقول: يا رب إن هؤلاء كذا، فتم الكلام على "يؤمنون"، ثم قال الله: يا محمد، فاصفح عنهم، وليس يريد "تعالى" الصفح الذي هو المساهلة والعفو؛ إنما المراد فأعرض عنهم بصفح وجهك، كما قال "تعالى"{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين ٣} .
وقوله:{فَسَوْفَ يَعْلَمُون ٦} من كلام الله أيضا، ألا ترى أن النبي "صلى الله عليه وسلم" لا يقول لله "سبحانه": {فَسَوْفَ يَعْلَمُون} ؟ لأن هذا إعلام، والله أحق المعلمين بهم.
١ سورة ص: ٢٤. ٢ سورة فصلت: ٤٩. ٣ سورة الأعراف: ١٩٩. ٤ سورة الزخرف: ٨٩. ٥ سورة الفرقان: ٦٣. ٦ "تعلمون" بالخطاب قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر ووافقهم الحسن، وقرأ الباقون "يعلمون" بالغيب. وانظر الاتحاف: ٢٣٩.