قال أبو الفتح: هو محذوف من سَيِّغ: فَيْعِلٍ، بمنزلة مَيْتٍ من مَيِّتٍ، وهَيْنٍ من هَيِّنٍ. وعينه واو، وأصله سَيْوِغ، كمَيْوِت في الأصل. يدل على كون عينه واوا قولهم: هذا أسوغ من هذا، وقولهم: هي أُخته سَوْغَةً، وسَوَّغْتُه، [١٣٢و] أي: يَسُوغ لها وتَسُوغ له، أي: يَقْبلها طبعه، ويقبله طبعها.
فأما قول الله تعالى:{يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ} ١ فلا دلالة فيه على كون العين واوا٢ وذلك لأنه في الأصل يسوغه، كما أن أصل يقيم يقوم، ويستعين يستعون، وهذا واضح وحكاه أبو حاتم عن عيسى:"سيغ"، وقال فيه: بغير ألف مشددة الياء، وهذا واضح.
ومن ذلك قراءة طلحة بن مصرف:"وَهَذَا مَلِحٌ أُجَاجٌ"٣.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على مثله، وأنه في الأصل مَالِح؛ فحذفت ألفه تخفيفا٤.
ومن ذلك قراءة الزهري:"جَدَدٌ"٥، بفتح الجيم والدال، فيما رواه سهل عن الوقاصي عنه.
قال أبو الفتح: قال أبو حاتم: لا قراءة فيه غير "جُدَدٍ"، وقال قطرب: قراءة الناس كلهم: "جُدَدٌ"، وقراءة الزهري:"جُدُدٌ" فأما "جُدَد" فجمع جُدَّة، وهي الطريقة يخالف لونها لون ما يليها. قال المتلمس:
١ سورة إبراهيم: ١٧. ٢ أي في ظاهر اللفظ لما دخله من إعلال. ٣ سورة فاطر: ١٢. ٤ انظر الصفحة: ١٧١ من الجزء الأول، والصفحة ٨٢ من الجزء الثاني. ٥ سورة فاطر: ٢٧. ٦ الأرندج: الجلد الأسود تعمل منه الخفاف، والأكرع: جمع الكراع، كغراب. وهو مستدق الساق، ويؤنث.