ومن ذلك قراءة يعقوب:"وَيْكَ"١، يقف عليها، ثم يبتدئ فيقول:"أنه"، وكذلك الحرف الآخر٢ مثله.
قال أبو الفتح: في "وَيْكأَنَّهُ" ثلاثة أقوال:
منهم من جعلها كلمة واحدة، فقال:"وَيْكَأَنَّهُ"، فلم يقف على "وَيْ".
ومنهم من يقف على "وَيْ".
ويعقوب. على ما مضى -يقول:""وَيْكَ""، وهو مذهب أبي الحسن.
والوجه فيه عندنا الخليل وسيبويه٣، وهو أن "وَيْ" على قياس مذهبهما اسم سمي به الفعل في الخبر، فكأنه اسم أعجب، ثم ابتدأ فقال:{كَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُون} ، و {وَيْ كَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} . فـ"كأن" هنا إخبارٌ عارٍ من معنى التشبيه، ومعناه: أن الله يبسط الرزق لمن يشاء. و"وَيْ" منفصلة من "كَأَنَّ" وعليه بيت الكتاب:
ومما جاءت فيه "كأن" عارية من معنى التشبيه ما أنشدَناه أبو علي:
كَأَنني حينَ أُمْسِي لا تُكَلِّمُنِي ... مُتَيَّمٌ يَشْتَهِي ما لَيْسَ مَوْجُودَا٥
أي: أنا حين أمسي "متيم" من حالي كذا وكذا.
ومن قال: إنها "وَيْكَ" فكأنه قال أعجب لأنه لا يفلح الكافرون، وأعجب لأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، وهو قول أبي الحسن. وينبغي أن تكون الكاف هنا حرف
١ سورة القصص: ٨٢. ٢ يريد: {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ، في آخر الآية السابقة. ٣ عبارة سيبويه في الكتاب "١: ٢٩٠": وسألت الخليل عن قوله: {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} وعن قوله: {وَيْكَأَنَّ اللهَ} ، فزعم أنها مفصولة من كان. والمعنى على أن القوم انتبهوا، فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا فقيل لهم: أما يشبه أن يكون ذا عندكم هكذا؟ ٤ البيت لزيد بن عمرو بن نفيل، ويقال: لنبيه بن الحجاج، وقبله: سألتاني الطلاق أن رأتاني ... قلّ مالي قد جئتماني بنكر انظر الكتاب: ١: ٢٩٠، وشرح شواهد الشافية: ٣٣٩، واللسان "و١". ٥ اليبت ليزيد بن الحكم الثقفي، يمدح سليمان بن عبد الملك. وقبله: أمسي بأسماء هذا القلب معمودا ... إذا أقول صبحا يعتاده عيدا ويروي "يوم" مكان "حين"، و"ذو بغية يبتغي" مكان "متيم يشتهي". وانظر اللسان "عود".