ومن ذلك قراءة الحسن وأبي حَصِين١:"الْجُبُلَّةَ الْأَوَّلِين"٢، بالضم.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على ذلك مشروحا.
ومن ذلك قراءة الحسن:"الأعْجَمِيِّين"٣، منسوب إلى العجم.
قال أبو الفتح: هذه قراءة عذر في القراءة المجتمع عليها، وتفسير للغرض٤ فيها، وهي قوله:"على بعض الأعَجَمِين"؛ وذلك أن ما كان من الصفات على أفعل، وأنثاه فعلاء -لا يجمع بالواو والنون، ولا مؤنثه بالألف والتاء. ألا تراك لا تقول: في أحمر: أحمرون، ولا في حمراء: حمراوات؟ فكان قياسه٥ ألا يجوز فيه "الأعجمون"، لأن مؤنثه "عجماء"، ولكن سببه أنه يريد: الأعجميون، ثم حذفت ياء النسب وجعل جمعه بالواو والنون دليلا عليها وأمارة لإدارتها، كما جعلت صحة٦ الواو في عَوَاوِر٧ أمرة لإرادة الياء في عَوَاوِير وكما جعل قلب تاء "افتعل" طاء في قوله:
مَالَ إلَى أَرْطَاة حِقْف فَالْطَجَعْ٧
دلالة على أن اللام في "الطجع" بدل من ضاد "اضطجع" لولا ذلك لقيل: التجع، كما قالوا: التحم، والْتَجَأ إلى كذا.
وقياس قوله:"الأعجمين" لإرادة ياء الإضافة في "الأعجميِّين" أن يقال: في مؤنثه مررت بنسوة عمجاوات؛ فيجمع بالتاء لأنه في معنى عجماويّات، ونظير ذلك الهُبَيْرُون؛ لأنه يريد الهُبَيْرِيُّون في النسب إلى هُبَيْرَة.
١ ذكر ابن الجزري في طبقات القراء "١: ٣١٥" أن أبا حصين ممن أخذ القراءة عنهم عرضا سليمان بن مهران الأعمش. ٢ سورة الشعراء: ١٨٤. ٣ سورة الشعراء: ١٩٨. ٤ في ك: الفرض. ٥ سقطت "قياسه" في ك. ٦ في ك: ضمة، وهو تحريف. ٧ يشير إلى قول جندل بن المثنى الطهوي. وكحل العينين بالعواور وانظر الصفحة ١٠٧ من الجزء الأول.