ومن ذلك قراءة الحسن وابن أبي إسحاق والأشهب ورويت عن أبي عمرو:"أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ"١.
قال أبو الفتح: تكون "أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ" بدلا من "أُمَّتُكُمْ"، كقولك: زيد أخوك رجل صالح، حتى كأنه قال: أخوك رجل صالح. ولو قرئ "أُمَّتَكُمْ" بالنصب بدلا وتوضيحا "لهذه". ورفع "أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ" لأنه٢ خبر إن لكان وجها جميلا حسنا.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن المسيب وعكرمة وقتادة:"وَحَرِمَ عَلَى قَرْيَةٍ"٣.
وقرأ:"وحرُم" ابن عباس -بخلاف- وأبو العالية وعكرمة.
وقرأ:"وَحَرَمَ عَلَى قَرْيَةٍ" قتادة ومطر الوراق.
وقرأ:"وَحَرِمَ"، بفتح الحاء، وكسر الراء، والتنوين في الميم عكرمة، بخلاف.
وقرأ:"وحَرْمٌ"، بفتح الحاء، وسكون الراء والتنوين ابن عباس، بخلاف.
قال أبو الفتح: أما "حَرِمَ" فالماضي من حَرِمَ٤، كقَلِقَ من قَلِقٍ، وبَطِرَ من بَطِرٍ. قالوا: حرم زيد، وهو حرم وحارم: إذا قبر ماله٥، وأحرمته: قمرته. قال زهير:
وإن أتاهُ خليلٌ يومَ مسألةٍ ... يقول لا غائبٌ مالي ولا حَرِمٌ٦
وأما "حَرُمَ" فأمره في الاستعمال ظاهر.
ومن جهة أحمد بن يحيى:"وَحَرِمٌ عَلَى قَرْيَةٍ"، أي: واجبٌ وحرامٌ، معناه: حُرِّمَ ذلك عليها، فلا تُبعث إلى يوم القيامة، وهذا على زيادة "لا"٧، وحَرِمَ الرجلُ: إذا لجَّ في شيء ومَحَكَ٨.
١ سورة الأنبياء: ٩٢. ٢ في ك: لأن، وهو تحريف. ٣ سورة الأنبياء: ٩٥. ٤ الظاهر أنه يريد بقوله: فالماضي من حرم -إن حرم لازم، ولذا الوصف منه على فَعِل كمثل: قَلِق وبَطِر، وإلا فالفعلُ لا يُؤخذ من الوصف. ٥ يقال: قمرته المال، أي: سلبته إياه في القمار. ٦ روي "مسغبة" مكان "مسألة". والخليل: الفقير، من الخلة. الديوان: ١٥٣، والأمالي: ١: ١٩٦، والكتاب: ١: ٤٣٦. ٧ الآية بتمامها: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُون} . ٨ محك: لج وتمادى في اللجاجة.