قال أبو الفتح: معناه -والله أعلم: خَرَّقَ كلًّ مصمتٍ بعلمِه؛ لأنه بَطَن كل مُخْفًى ومستبهم، فصار لعلمه فضاء متسعًا، بعد ما كان متلاقيا مجتمعا. ومنه قوله "تعالى": {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} ١. فهذا العمل. وذلك في العلم.
ومن ذلك قراءة عياض:"فِي الصُّوَرِ٢". بفتح الواو.
قال أبو الفتح: هذا جمع صورة، وقد يقال: فيها صير وأصلها صور. فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها استحسانا. وقد أفردنا في الخصائص بابا للاستحسان٣. قال ذو الرمة:
أشبهْنَ من بقرِ الخلصاءِ أعيُنَهَا ... وهنَّ أحسنُ من صِيرَانِه صِيرَا٤
وصِوَرا: قال أبو عبيدة: الصُّوَر جمع صورة. كصوَف جمع صوفة. ويقال: الصوَر: القرن، ويقال: فيه ثقب٥ بعدد أنفس البشر، فإذا نفخ فيه قال الناس بالأَرْمَاسِ٦.
ومن ذلك قراءة الحسن:"أَوْ يُحْدِثْ لَهُمْ ذِكْرًا٧"، ساكنة الثاء.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا مما يسكن استثقالا للضمة، كقول جرير، أنشدَناه أبو علي"
ومن ذلك قراءة الأعمش: "فَنَسِيْ وَلَمْ٩"، ولا ينصب الياء.
١ سورة الأنبياء: ٣٠. ٢ سورة طه: ١٠٢. ٣ انظر الخصائص: ١: ١٣٣ وما بعدها. ٤ الخلصاء: موضع بالدهناء. ورواية الديوان: "١٨٧"، واللسان "صور": صيرانها مكان صيرانه، وصورا مكان صيرا. ٥ كذا في نسختي الأصل، كأنها أراد بالثقب هنا الجنس أو هي الثُّقَب -بضم ففتح- جمع ثُقْبة، بضم فسكون. ٦ الأرماس: جمع رمس، كسهل. وهو تراب القبر. ٧ سورة طه: ١١٣. ٨ انظر الصفحة ١١٠ من الجزء الأول. ٩ سورة طه: ١١٥.