قال أبو الفتح: هذه القراءة أقيس من قراءته الأخرى التي هو قول الله عز وجل: "جُزْءٌ مَقْسُومٌ٤"، بتشديد الزاي. وذلك أنه هنا خفف لا غير. فحذفت الهمزة وألقى حركتها على الفاء قبلها. كقولك في مسألة: مسلة. وفي يلوم: يلم، وفي يزئر يزر. فكان قياس هذا أن يقول:"جُزٌّ مَقْسُومٌ"، إلا أنه سلك في كل من القراءتين طريقا إحداهما أقوى من الأخرى.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر وعمرو بن ميمون وابن أرقم، ورويت عن أبي عمرو:"بِشَقِّ الْأَنْفُس٥"، بفتح الشين.
قال أبو الفتح: الشَقّ، بفتح الشين بمعنى الشِقّ بكسرها وكلاهما المشقة٦، قرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد لعمرو بن مِلْقَط
. وهو جاهليي:
والخيل قد تجشم أربابها الشَّـ ... ـقّ وقد تعتسف الراوية٧
هكذا الرواية بفتح الشين، وكلاهما من الشَّق في العصا ونحوها؛ لأنه آخذ منها وواصل إليها. كالمشقة التي تلحق الإنسان.
١ كذا في ك، وفي الأصل: ومن ذلك سورة النحل. ٢ كذا في ك، ولم تكتب البسملة في الأصل. ٣ سورة النحل: ٥. ٤ انظر ص٤ من هذا الجزء. ٥ سورة النحل: ٧. ٦ في اللسان: الشِّق، بالكسر: الجهد، وكأنه اسم، وكأن الشق فعل "أي مصدر". وفي البحر "٥: ٤٧٦": هما مصدران، وقيل: الشّق، بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم. ٧ اعتسف البعير: أشرف على الموت من الفدة. فجعل يتنفس فترجف حنجرته. والراوية: ما يُستقَى عليه من بغل أو حمار. رواه اللسان "شق"، ولم نعثر عليه في النوادر.