﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٥، ٣٦] إلا امرأته فإنها لم تؤمن به، بل كانت على دين قومها، تمالئهم عليه وتُعْلمهم بمن يَقْدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم؛ ولهذا لما أمر لوط، ﵇، أن يُسْري بأهله أمر ألا يعلم امرأته ولا يخرجها من البلد. ومنهم من يقول: بل اتبعتهم، فلما جاء العذابُ التفتت هي فأصابها ما أصابهم. والأظهر أنها لم تخرج من البلد، ولا أعلمها لوط، بل بقيت معهم؛ ولهذا قال هاهنا:(إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) أي: الباقين. ومنهم من فسر ذلك (مِنَ الْغَابِرِينَ)[من](١) الهالكين، وهو تفسير باللازم.
وقوله:(وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا) مفسر بقوله: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [هود ٨٢، ٨٣] ولهذا قال: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) أي: انظر -يا محمد -كيف كان عاقبة من تجهرم على معاصي الله وكذّب رسله (٢)
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة، ﵀، إلى أن اللائط يلقى من شاهق، ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط.
وذهب آخرون من العلماء إلى أنه يرجم سواء كان محصنًا أو غير محصن. وهو أحد قولي الشافعي، ﵀، والحجة ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، من حديث الدراوردي، عن عمرو بن أبي عَمْرو (٣) عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به"(٤)
وقال آخرون: هو كالزاني، فإن كان محصنًا رجم، وإن لم يكن محصنًا جلد مائة جلدة. وهو القول الآخر للشافعي.
وأما إتيان النساء في الأدبار، فهو اللوطية الصغرى، وهو حرام بإجماع العلماء، إلا قولا [واحدا](٥) شاذًا لبعض السلف، وقد ورد في النهي عنه أحاديث كثيرة عن رسول الله ﷺ، وقد تقدم الكلام عليها في سورة البقرة (٦)
قال محمد بن إسحاق: هم من سلالة "مدين بن مديان بن إبراهيم". وشعيب هو ابن ميكيل بن يشجر قال: واسمه بالسريانية: "يثرون".
(١) زيادة من ك، م. (٢) في ك: "برسله". (٣) في أ: "عمرو بن سلمة". (٤) المسند (١/ ٣٠٠) وسنن أبي داود برقم (٤٤٦٢) وسنن الترمذي برقم (١٤٥٥) وسنن ابن ماجة برقم (٢٥٦١). (٥) زيادة من ك. (٦) الآية: ٢٢٣.