(الْقَارِعَةُ) من أسماء يوم القيامة، كالحاقة، والطامة، والصاخة، والغاشية، وغير ذلك.
ثم قال معظمًا أمرها ومهولا لشأنها:(وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ)؟ ثم فسر ذلك بقوله:(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) أي: في انتشارهم وتفرقهم، وذهابهم ومجيئهم، من حيرتهم مما هم فيه، كأنهم فراش مبثوث (١) كما قال في الآية الأخرى: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾
وقوله:(وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) يعني: قد صارت كأنها الصوف المنفوش، الذي قد شَرَع في الذهاب والتمزق.
قال مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والضحاك، والسدي:" الْعِهْنِ" الصوف.
ثم أخبر تعالى عما يئول إليه عمل العاملين، وما يصيرون إليه من الكرامة أو الإهانة، بحسب أعمالهم، فقال:(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) أي: رجحت حسناته على سيئاته، (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) يعني: في الجنة. (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) أي: رجحت سيئاته على حسناته.
وقوله:(فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) قيل: معناه: فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم. وعَبَّر عنه بأمه-يعني (٢) دماغه-روي نحو هذا عن ابن عباس، وعكرمة، وأبي صالح، وقتادة -قال قتادة: يهوي في النار على رأسه (٣) وكذا قال أبو صالح: يهوون في النار على رءوسهم.
وقيل: معناه: (فَأُمُّهُ) التي يرجع إليها، ويصير في المعاد إليها (هَاوِيَةٌ) وهي اسم من أسماء النار.
قال ابن جرير: وإنما قيل: للهاوية أمه؛ لأنه لا مأوى له غيرها (٤).
(١) في أ: "منتشر". (٢) في م: "وهو". (٣) في م: "على رءوسهم". (٤) تفسير الطبري (٣٠/ ١٨٣).