وقد روى محمد بن إسحاق في السيرة من حديث أم سلمة، وأحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصة الهجرة إلى أرض الحبشة من مكة: أن جعفر بن أبي طالب ﵁، قرأ صدر هذه السورة على النجاشي وأصحابه (٢).
أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة.
وقوله:(ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) أي: هذا ذكر رحمة الله بعبده زكريا.
وقرأ يحيى بن يعمر "ذَكَّرَ رحمة ربك عَبْدَهُ زَكَريَّا".
[و](٣)(زَكَرِيَّا): يمد ويقصر قراءتان مشهورتان. وكان نبيًّا عظيمًا من أنبياء بني إسرائيل. وفي صحيح البخاري: أنه كان نجارًا، أي: كان يأكل من عمل يديه في النجارة.
وقوله:(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا): قال بعض المفسرين: إنما أخفى دعاءه، لئلا ينسب في طلب الولد إلى الرعونة لكبره. حكاه الماوردي.
وقال آخرون: إنما أخفاه لأنه أحب إلى الله. كما قال قتادة في هذه الآية (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا): إن الله يعلم القلب التقي (٤)، ويسمع الصوت الخفي.
وقال بعض السلف: قام من الليل، ﵇، وقد نام أصحابه، فجعل يهتف بربه يقول خفية: يا رب، يا رب، يا رب فقال الله: لبيك، لبيك، لبيك.
(١) زيادة من ت، ف، أ. (٢) رواه الإمام أحمد من حديث أم سلمة (٥/ ٢٩٠) ومن حديث ابن مسعود (١/ ٤٦١). (٣) زيادة من ت، ف. (٤) في ت: "النقي". (٥) في ت، ف: "ضعف".