من الكافرين، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا [وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ] وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (١)﴾ [غافر: ٥١، ٥٢]
وهذه سنة الله في عباده في الدنيا والآخرة، أن العاقبة (٢) للمتقين والظفر والغلب لهم، كما أهلك قوم نوح [عليه االسلام] (٣) بالغرق ونجى نوحا وأصحابه المؤمنين.
قال مالك، عن زيد بن أسلم: كان قوم نوح قد ضاق بهم السهل والجبل.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما عذب الله قوم نوح [﵇] (٤) إلا والأرض ملأى بهم، وليس بقعة من الأرض إلا ولها مالك وحائز.
وقال ابن وَهْب: بلغني عن ابن عباس: أنه نجا مع نوح [﵇] (٥) في السفينة ثمانون رجلا أحدهم "جُرْهم"، وكان لسانه عربيا.
رواهن (٦) ابن أبي حاتم. وقد روي هذا الأثر الأخير من وجه آخر متصلا عن ابن عباس، ﵄.
﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٦٦) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٧)﴾
يقول تعالى: وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحًا، كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا.
قال محمد بن إسحاق: هم [من] (٧) ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح.
قلت: وهؤلاء هم عاد الأولى، الذين ذكرهم الله [تعالى] (٨) وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العَمَد في البر، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ﴾ [الفجر: ٦ - ٨] وذلك لشدة بأسهم وقوتهم، كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت: ١٥].
وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف، وهي جبال الرمل.
(١) زيادة من ك، م، أ، وفي هـ: الآية إلى قوله".
(٢) في أ: "أن العاقبة فيها.
(٣) زيادة من أ.
(٤) زيادة من أ.
(٥) زيادة من أ.
(٦) في م، د، أ: "رواه".
(٧) زيادة من م.
(٨) زيادة من أ.