للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طريق أخرى عن أبي ذر: قال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا الحجاج، حدثنا (١) حماد، عن حميد بن هلال، حدثني رجل من أهل دمشق، عن عوف بن مالك، عن أبي ذر أن رسول الله قال: "يا أبا ذر، هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ ". قال: قلت يا رسول الله، هل للإنس من شياطين؟ قال: "نعم" (٢)

طريق أخرى للحديث: قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عَوْف الحِمْصي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معان (٣) بن رفاعة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة [] (٤) قال: قال رسول الله : "يا أبا ذر تعوذتَ (٥) من شياطين الجن والإنس؟ ". قال: يا رسول (٦) الله، وهل للإنس [من] (٧) شياطين؟ قال: "نعم، شياطينَ الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا" (٨)

فهذه طرق لهذا الحديث، ومجموعها يفيد قوته وصحته، والله أعلم.

وقد روي ابن جرير: حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبو نُعَيم، عن شَرِيك، عن سعيد بن مسروق، عن عِكْرِمة: (شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ) قال: ليس في الإنس شياطين، ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس، وشياطين الإنس يوحون إلى شياطين الجن.

قال: وحدثنا الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا إسرائيل، عن السُّدِّي، عن عِكْرِمة في قوله: (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) قال: للإنسى (٩) شيطان، وللجني (١٠) شيطان (١١) فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن، فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.

وقال أسباط، عن السُّدِّي، عن عِكْرِمة في قوله: (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) في تفسير هذه الآية: أما شياطين الإنس، فالشياطين التي تضل الإنس (١٢) وشياطين الجن الذين يضلون الجن، يلتقيان، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: إني أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضْلِل أنت صاحبك بكذا وكذا، فيعلم بعضهم بعضا.

ففهم (١٣) ابن جرير من هذا؛ أن المراد بشياطين الإنس عند عِكْرِمة والسُّدِّي: الشياطين من الجن الذين يضلون الناس، لا أن المراد منه (١٤) شياطين الإنس منهم. ولا شك أن هذا ظاهر من كلام عِكْرِمة، وأما كلام السُّدِّي فليس مثله في هذا المعنى، وهو محتمل، وقد روى ابن أبي حاتم نحو هذا، عن ابن عباس من رواية الضحاك، عنه، قال: إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس


(١) في أ: "بن"
(٢) تفسير الطبري (١٢/ ٥٣).
(٣) في أ: "معاذ".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في م: "تعوذت بالله".
(٦) في أ: "يانبي".
(٧) زيادة من أ.
(٨) ورواه أحمد في مسنده (٥/ ٢٦٥) من طريق أبي المغيرة به مطولا. وقال الهيثمي في المجمع (١/ ١٥٩): "مداره على علي بن زيد وهو ضعيف".
(٩) في م، أ: "للإنس".
(١٠) في م، أ: "وللجن".
(١١) في أ: "شياطين".
(١٢) في أ: "الناس".
(١٣) في م: "فهم".
(١٤) في م: "من".